المقدمة :
الحمد لله الذي علم بالقلم , علم الإنسان ما لم يعلم من
الفصاحة و البيان , و أصلي و أسلم على أفصح من نطق بالضاد , و بعد :
لا نزاع بين
علماء اللغة في أن الاسم في اللغة العربية إما مذكر , أو مؤنث , لا مخنث
لهما , كما أن الاسم يذكر إذا كان مذكراً حقيقياً
كأعلام المذكرين العقلاء ، و يؤنث إذا كان المؤنث حقيقياً كأسماء الأعلام للإناث العاقلات،
إنما الخلاف حاصل إذا كان المؤنث مجازياً كالطريق
والسوق
والسبيل
والدار وما إلى ذلك، فبينما قصد بعض العرب إلى التذكير عمد آخرون إلى
التأنيث.
هذا ..و قد
ذكر أن التذكير أصل للتأنيث والتأنيث فرع عليه
، وبناء على ذلك قرروا أن كل ما لا يعرف أمذكر هو أم مؤنث؟ فحقه أن يكون
مذكراً ؛ لأنه رد إلى الأصل , وقد ترتب على ذلك أنه إذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب
المذكر ،
نقول
:
( الرجل والمرأة قاما ) ، ولا يجوز: ( قامتا ) ، وكذلك إذا جاء الخطاب بلفظ المذكر ولم يُنَص فيه على ذكر الرجال فإن ذلك شامل
المذكر
والمؤنث
, ومن ذلك قوله تعالى: ]يا أيها
الذين آمنوا [ في كل
المواضع من
القرآن
, فإنه يشمل الرجال و النساء .
و هناك قضية أخرى , و هي أنه قد يذكر المؤنث ، ويؤنث المذكر ، وأكثر الشواهد أن يذكر المؤنث ؛ لأنه رد الفرع إلى الأصل ، كما أن تذكير المؤنث أسهل من تأنيث المذكر ؛ لقوة المذكر .
و هناك قضية أخرى , و هي أنه قد يذكر المؤنث ، ويؤنث المذكر ، وأكثر الشواهد أن يذكر المؤنث ؛ لأنه رد الفرع إلى الأصل ، كما أن تذكير المؤنث أسهل من تأنيث المذكر ؛ لقوة المذكر .
و في هذا المبحث نتعرض لمسألة تذكير المؤنث , و
تأنيث المذكر بشيء من التفصل , مع ذكر بعض الأمثلة القر آنية التي تناولت هذا
الموضوع , و الله الموفق , و هو الهادي إلى سواء السبيل .
المؤنث و أقسامه :
الاسم في اللغة العربية من حيث نوعه قسمان : مذكّر و مؤنث , فمثال المذكر: رجل وجمل و عصفور و كتاب , و المؤنث مثال: امرأة و بقرة و دجاجة و
محبرة . ( 1 )
و المذكر و المؤنث
إما حقيقي , و إما معنوي , يقول الحمادي :
أما كلمة رجل، فمذكر حقيقي ؛ لأن له مؤنثاً من جنسه , وأمّا كلمة كتاب، فمذكر غير
حقيقي، إذ ليس له مؤنث من جنسه، وإنما اصطلح أبناء اللغة على اعتباره مذكراً .
و أمّا كلمات : امرأة و بقرة و دجاجة فمؤنث حقيقي ؛ لأن له مذكراً من جنسه , أو كونها
تدل على إنسان أو حيوان يلد أو يبيض . ( 2 )
وأمّا كلمة : [دار] فمؤنث غير حقيقي، إذ ليس له
مذكر من جنسه، وإنما اصطلح أبناء اللغة على اعتباره مؤنثاً , إذ ليس هناك قاعدة في
معرفة التذكير والتأْنيث المجازيين ، بل المدار في معرفة ذلك على السماع، بالرجوع
إلى كتب اللغة. ونلاحظ أن بعض الأَسماء
يذكر ويؤنث مثل: الطريق والسوق والذراع والخمر.. إلخ فتصح فيها المعاملتان فتقول:
هذا الطريق واسع أَو هذه الطريق واسعة. والمرجع في معرفة ذلك المعجمات اللغوية. ( 3 )
و ينقسم المؤنث من حيث اتصاله أو عدم اتصالة
بعلامة التأنيث إلى :
المؤنث اللفظي :كل اسم فيه إحدى
علامات التأْنيث وهي ( التاء المربوطة والألف المقصورة والألف الممدودة ) ودل على
مذكر مثل: طلحة و حمزة و معاوية , ويعامل معاملة المذكر في الضمائر والإِشارة
وغيرهما.
المؤنث
المعنوي : و هو المؤنث الخالي من إحدى علامات التأنيث
و دل على مؤنث حقيقي , مثل: سعاد وهند وشمس ، يعامل معاملة المؤنث الحقيقي في
الضمائر والإِشارة والموصولات، تقول: طلعت الشمس على هند الصغيرة قبل أن تأمرها
سعادُ بدخول الدار المجاورة .
ــــــــــــــــــــــ
( 1 ) يوسف
الحمادي و آخرون , القواعد الأساسية في النحو و الصرف, الهيئة العامة لشؤون
المطابع الأميرية - مصر 1994 , ص 4
( 2 ) نفس المرجع , نفس الصفحة
( 3 ) الأفغاني ,
سعيد , الموجز في قواعد اللغة العربية ,
دار الفكر , بيروت لبنان , ص120
مؤنث معنوي لفظي : و هو ما دل على مؤنث
حقيقي , و اتصلت به علامة التأنيث , مثل فاطمة , سلمى , الخنساء .
علامات التأنيث الثلاث :
أ - التاء المربوطة , مثل: بائعة، فاضلة، مستشفية،
محامية.
وقلَّ أَن تلحق الأسماء
الجامدة، مثل امرأَة رجُلة (متشبهة بالرجل)، فإِن كانت الصفة مما يختص بالنساء لم
يكن هناك فائدة من التاء، لذلك عريت أكثر هذه الصفات عن التاء مثل: حائض، طالق،
ثيِّب، مرضع .
ولا يجوز أَن تدخل التاء
هذه الصفات وأَمثالها إلا ما سمع عن العرب فقد قالوا: مرضعة , و جاء في التنزيل] يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ
عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ
سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [ (
الحج , 2)
وهناك خمسة أوزان للصفات لا تدخلها التاء
فيستوي فيها المذكر والمؤنث:
1- وزن (فَعول) بمعنى
فاعل مثل: صبور، عجوز، حنون، تقول: هذا رجل عجوز وامرأَته عجوز .
2- وزن (فَعِيل) بمعنى
(مفعول) إن سبق بموصوف أَو قرينة تدل على جنسه مثل: طفلة جريح وامرأة قتيل.
أَما إِذا لم يكن هناك
موصوف ولا قرينة فتدخل التاء لإِزالة اللَّبس، تقول: في الميدان ستة جرحى وقتيلة.
3- وزن مِفْعال مثل:
مِهْذار، ومِعْطار ، ومِقْوال .
4- وزن مِفْعيل مثل:
مِعْطير , مِسْكير .
[ شذ: مسكينة، حملاً على
فقيرة، وقد سمع : امرأَة مسكين على القاعدة ] .
5- مِفْعَل : مثل مِغْشَم
(مقدام لا يثنيه شيء) .
ب
- الأَلف المقصورة مثل: [ سلمى , بشرى ].
ج - الألف الممدودة : مثل [ حسناء , هيفاء , صحراء ,
حوراء ] ( 1 )
ــــــــــــــــــــــ
( 1 ) انظر : الأفغاني , سعيد , الموجز في قواعد اللغة العربية , دار الفكر
, بيروت لبنان 1971 , ص 120 و ما بعدها
بتصرف
تذكير المؤنث:
للاسم المؤنث
حالات يجوز فيها التأنيث و التذكير , فمن ذلك , إذا كان جمعاً في واحده هاء ,
يقول ابن عقيل في شرحه على ألفية ابن مالك : و كل جمع في
واحده هاء , فإذا حذفت صار جمعاً جاز فيه التأنيث و التذكير نحو حبة و حب , و تمرة
و تمر , و بقرة و بقر , بالتأنيث للحجاز ,و التذكير لنجد .
أو إذا لم يسند الفعل إلى ضمير مؤنث متصل , أو الفاعل ليس ظاهراً حقيقي التأنيث .
يقول ابن مالك :
( وإنما تلزم فعل مضمر ... متصل أو مفهم ذات حر )
يقول ابن عقيل :
تلزم تاء التأنيث
الساكنة الفعل الماضي في موضعين :
أحدهما أن يسند الفعل
إلى ضمير مؤنث متصل ولا فرق في ذلك بين المؤنث الحقيقي والمجازي فتقول هند قامت
والشمس طلعت ولا تقول قام ولا طلع فإن كان الضمير منفصلا لم يؤت بالتاء نحو هند ما
قام إلا هي .
الثاني أن يكون
الفاعل ظاهراً حقيقي التأنيث نحو قامت هند وهو المراد بقوله أو مفهم ذات حر وأصل
حر حرح فحذفت لام الكلمة .
وفهم من كلامه أن
التاء لا تلزم في غير هذين الموضعين فلا تلزم في المؤنث المجازي الظاهر فتقول طلع
الشمس وطلعت الشمس ولا في الجمع . ( 1 )
فإذا فصل بين الفعل و فاعله فاصل جاز التأنيث و التذكير ,
يقول ابن مالك :
( وقد يبيح الفصل ترك التاء في ... نحو أتى القاضي بنت الواقف
)
يقول ابن عقيل :
إذا فصل بين الفعل
وفاعله المؤنث الحقيقي بغير إلا جاز إثبات التاء وحذفها والأجود الإثبات فتقول أتى
القاضي بنت الواقف والأجود أتت وتقول قام اليوم هند والأجود قامت ( 2 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) ابن عقيل ، عبد الله بن عبد الرحمن العقيلي الهمداني
المصري , شرح ابن عقيل , تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد , دار التراث - القاهرة،
دار مصر للطباعة ، سعيد جودة السحار وشركاه الطبعة : العشرون 1980 م , ج 2 , ص 88
( 2 ) نفس المصدر , ج 2 , ص 88
كذلك يجوز الوجهان إذا كان جمع تكسير ,أو جمع مؤنث سالم , يقول
ابن عقيل : وإن لم يكن جمع سلامة لمذكر بأن كان جمع تكسير لمذكر كالرجال أو لمؤنث
كالهنود أو جمع سلامة لمؤنث كالهندات جاز إثبات التاء وحذفها فتقول قام الرجال
وقامت الرجال وقام الهنود وقامت الهنود وقام الهندات وقامت الهندات فإثبات التاء
لتأوله بالجماعة وحذفها لتأوله بالجمع ( 1 )
الخلاف في تأنيث الفعل مع الفاعل الجمع :
يقول ابن عقيل :الأشياء التي تدل على معنى الجمع ستة أشياء،
الأول: اسم الجمع نحو قوم ورهط ونسوة، والثاني: اسم الجنس الجمعي نحو روم وزنج
وكلم، والثالث: جمع التكسير لمذكر نحو رجال وزيود، والرابع: جمع التكسير لمؤنث نحو
هنود وضوارب، والخامس: جمع المذكر السالم نحو الزيدين والمؤمنين والبنين، والسادس:
جمع المؤنث السالم نحو الهندات والمؤمنات والبنات، وللعلماء في الفعل المسند إلى
هذه الأشياء ثلاثة مذاهب: المذهب الأول: مذهب جمهور الكوفيين، وهو أنه يجوز في كل
فعل أسند إلى شئ من هذه الأشياء الستة أن يؤتى به مؤنثا وأن يؤتى به مذكرا، والسر
في هذا أن كل واحد من الأشياء الستة يجوز أن يؤول بالجمع فيكون مذكر المعنى، فيؤتى
بفعله خاليا من علامة التأنيث، وأن يؤول بالجماعة فيكون مؤنث المعنى، فيؤتى بفعله
مقترنا بعلامة التأنيث، فنقول على هذا: جاء القوم، وجاءت القوم، وفي الكتاب العزيز
(وقال نسوة في المدينة) وتقول: زحف الروم، وزحفت الروم، وفي الكتاب الكريم: (غلبت
الروم) وتقول: جاء الرجال، وجاءت الرجال، وتقول: جاء الهنود، وجاءت الهنود، وتقول
جاء الزينبات، وجاءت الزينبات، وفي التنزيل: (إذا جاءك المؤمنات) وقال عبدة بن
الطييب من قصيدة له:
فبكى بناتي شجوهن وزوجتي والظاعنون إلي، ثم تصدعوا وتقول: جاء
الزيدون، وجاءت الزيدون، وفي التنزيل: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو
إسرائيل) وقال قريط بن أنيف أحد شعراء الحماسة: لو كنت من مازن لم تستبح إبلي بنو
اللقيطة من ذهل بن شيبانا والمذهب الثاني: مذهب أبي علي الفارسي، وخلاصته أنه يجوز
الوجهان في جميع هذه الأنواع، إلا نوعا واحدا، وهو جمع المذكر السالم، فإنه لا
يجوز في الفعل الذي يسند إليه إلا التذكير، وأنت لو تأملت في كلام الناظم لوجدته بحسب
ظاهره مطابقا لهذا المذهب، لأنه لم يستثن إلا السالم من جمع المذكر.
ـــــــــــــــــ
( 1 ) ابن عقيل ، عبد الله بن عبد الرحمن العقيلي , شرح ابن
عقيل , تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد , دار التراث - القاهرة، دار مصر
للطباعة ، سعيد جودة السحار وشركاه الطبعة : العشرون 1980 م , ج 2 ص 94 ,95
والمذهب الثالث: مذهب جمهور البصريين، وخلاصته أنه يجوز
الوجهان في أربعة أنواع، وهي: اسم الجمع، واسم الجنس الجمعي، وجمع التكسير لمذكر،
وجمع التكسير لمؤنث، وأما جمع المذكر السالم فلا يجوز في فعله إلا التذكير، وأما
جمع المؤنث السالم فلا يجوز في فعله إلا التأنيث، وقد حاول جماعة من الشراح
كالاشموني أن يحملوا كلام الناظم عليه، فزعموا أن الكلام على نية حذف الواو
والمعطوف بها، وأن أصل الكلام " سوى السالم من جمع مذكر ومن جمع مؤنث "
ولكن شارحنا رحمه الله لم يتكلف هذا التكلف، لأنه رأى أن لظاهر الكلام محملا حسنا،
وهو أن يوافق مذهب أبي علي الفارسي، فاحفظ هذا التحقيق واحرص عليه، فإنه نفيس دقيق
قلما تعثر عليه مشروحا مستدلا له في يسر وسهولة. ( 1 )
ـــــــــــــــــــــ
( 1 ) ابن عقيل ،عبد الله بن عبد الرحمن العقيلي , شرح ابن
عقيل , تحقيق : محمد محيي الدين عبد
الحميد , دار التراث - القاهرة، دار مصر للطباعة ، سعيد جودة السحار وشركاه الطبعة
: العشرون 1980 م , ج 2 ص 94 و 95
أمثلة قرآنية لتذكير المؤنث
, و تأنيث المذكر
ورد في القرآن الكريم
كلمات مؤنثة عوملت معاملة المذكر , و مذكرة عوملت معاملة المؤنث , و معلوم أن
القرآن الكريم معجز في ألفاظة و كلماته , و من هذه الكلمات
كلمة( شفاعة) :-
قال تعالى : ] وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ
وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ [ (البقرة 48) و قال تعالى : ] وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ
يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ [ (البقرة 123)
قال تعالى : ] فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [
( المدثر 48)
حيث قرئ الفعل بالياء وبالتاء، قراءة حفص بالياء , حيث ذُكِّر
الفعل مع الفاعل المؤنث ؛ ذلك أن المؤنث هنا مجازي التأنيث , و فصل بينه م بين
الفاعل فاصل , و الدليل على جواز الأمرين ( التذكير و التأنيث ) قراءة ابن كثير
والبصريان (تقبل) بالتأنيث.( 1 ) .
و المتأمل في الآية الأولى يجد أن كلمة شفاعة جاءت بتذكير فعل
(يقبل) مع شفاعة , بينما جاء الفعل
( تنفعها ) مؤنثاً مع كلمة ( شفاعة ) نفسها, و الحقيقة أن
الفعل (يقبل) لم يُذكّر مع الشفاعة إلا في الآية123 من
سورة البقرة وهنا المقصود أنها جاءت لمن سيشفع بمعنى أنه لن يُقبل ممن سيشفع أو من ذي الشفاعة , أما في الآية الثانية فالمقصود الشفاعة
نفسها لن تنفع وليس الكلام عن الشفيع , قال القرطبي : قرأ ابن
كثير وأبو عمرو" تقبل" بالتاء لأن الشفاعة مؤنثة. وقرأ الباقون بالياء
على التذكير لأنها بمعنى الشفيع.( 2 )
كلمة( موعظة ) :
قال تعالى : ] فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ
وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ
فِيهَا خَالِدُونَ[
( البقرة 275)
قال
الزمخشري : وذُكِّر فعل الموعظة لأن تأنيثها غير حقيقي ولأنها في معنى
الوعظ وقرأ أبي والحسن فمن جاءته ) ( 3 )
ــــــــــــــ
( 1 ) ابن الجزري ، النشر في القراءات العشر , تحقيق علي محمد
الضباع , دار الكتب العلمية , بيروت - لبنان ج 2 , ص 241
( 2 ) القرطبي , أبو عبد الله محمد بن
أحمد بن أبي بكر , الجامع لأحكام القرآن, تحقيق أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش , دار
الكتب المصرية – القاهرة , مصر , الطبعة : الثانية ، 1384هـ - 1964 م , ج 1 , ص
380
( 3 ) الزمخشري , أبو القاسم محمود بن
عمر , الكشاف , دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان , ج 2 , ص 160
كلمة ( الملائكة) :
قال تعالى : ] تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ [ ( البقرة 248) و قال تعالى : ]وَإِذْ
قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ [ (آل عمران 42) و قال تعالى : ] إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ [ (آل عمران 45)و قال تعالى : ]الَّذِينَ
تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ [
(النحل 28) و قال تعالى : ] الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ [ (النحل 33) و قال
تعالى : ]
هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ [
( الأنعام 158) و قوله تعالى : ] وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ [ (الأنبياء 103) و قوله تعالى : ] تَتَنَزَّلُ
عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ [
و قوله تعالى : ]فَكَيْفَ
إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلائِكَةُ [ (محمد 27) و قوله تعالى : ]تَعْرُجُ
الْمَلائِكَةُ [ (المعارج 4) في الآيات السابقة أتى لفظ الملائكة على صورة المؤنث
, وقد جاءت بالتذكير كما في قوله تعالى : ]: إِنَّ الَّذِينَ
تَوَفَّاهُمُ [ ( النساء 97) و قال تعالى : ] وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ [ (الأنفال 50) و قوله تعالى : ] فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ [ ( الحجر 30 , ص 73
)
و قوله تعالى : ] وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا
[
(الزخرف 19) و قوله تعالى : ] أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلائِكَةُ [ (الزخرف 53) و قوله تعالى : ] تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ [ ( القدر 4)
الحكم النحوي: يمكن أن يؤنّث الفعل أو يُذكّر إذا كان الجمع جمع تكسير , فيجوز التذكير والتأنيث من حيث الحكم النحوي كما مر بنا.
كلمة ( البينات ) :
قال تعالى : ] فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ
فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [ (البقرة 209)
قال تعالى : ] كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ
وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي
الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [
(آل عمران 86)
قال تعالى : ] قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ
اللَّهِ لَمَّا جَاءنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ
لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [
(غافر 66)
الحكم نحوي أنه يجوز أن يأتي
الفعل
مذكراً والفاعل مؤنثاً , وكلمة البيّنات ليست مؤنث
حقيقي لذا يجوز تذكيرها وتأنيثها .
كلمة ( مَوَدَّةٌ ) :
قال تعالى : ] وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ
تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ
فَوْزًا عَظِيمًا[ ( النساء 73 )، قرأ ابن كثير وحفص: «كأن لم تكن» بالتاء؛ لتأنيث المَودَّة. وقرأ الباقون: بالياء ؛ للفصل، أو لأن المودَّة بمعنى الوُدّ، أو لأن التأنيث غير
حقيقي.( 1 )
كلمة ( فتنة) :
قال تعالى : ] ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللَّهِ رَبِّنَا
مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [
(الأنعام 23) فقرأ حمزة والكسائي ويعقوب والعليمي عن أبي بكر
بالياء على التذكير وقرأ الباقون بالتاء على التأنيث . ( 2 )
كلمة ( سبيل ) :
قال تعالى : ]
وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ
الْمُجْرِمِينَ [ الأنعام 55فقرأ حمزة والكسائي وخلف وأبو بكر بالياء
على التذكير وقرأ الباقون بالتاء على التأنيث أو الخطاب . ( 3 )
كلمة ( رحمة ) :
قال تعالى : ] وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [ (آل عمران 107)
قال تعالى : ]
إِنَّ رَحْمةََ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ [ (الأعراف 56) قال الزمخشري : وإنما ذكر ( قَرِيبٌ ) على تأويل
الرحمة بالرحم أو الترحم ، أو لأنه صفة موصوف محذوف ، أي شيء قريب . أو على تشبيهه
بفعيل الذي هو بمعنى مفعول كما شبه ذاك به ، فقيل قتلاء وأسراء ، أو على أنه بزنة
المصدر ، الذي هو النقيض والضغيب . أو لأنّ تأنيث الرحمة غير حقيقي ( 4 )
وَأَحْسَنُهَا-
عِنْدِي- قَوْلُ الْفَرَّاءِ وَأَبِي عُبَيْدَةَ: أَنَّ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا
إِذَا أُطْلِقَ عَلَى قَرَابَةِ النَّسَبِ أَوْ بُعْدِ النَّسَبِ فَهُوَ مَعَ
الْمُؤَنَّثِ بِتَاءٍ وَلَا بُدَّ، وَإِذَا أُطْلِقَ عَلَى قُرْبِ الْمَسَافَةِ
أَوْ بُعْدِهَا جَازَ فِيهِ مُطَابَقَةُ مَوْصُوفِهِ وَجَازَ فِيهِ التَّذْكِيرُ
عَلَى التَّأْوِيلِ بِالْمَكَانِ، وَهُوَ الْأَكْثَرُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ] وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ [ [هود:83] وَقَالَ: ] وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً [
[الْأَحْزَاب: 63] . وَلَمَّا كَانَ إِطْلَاقُهُ فِي هَذِه
الْآيَة عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ
ـــــــــــــــــــــــ
( 1 ) عز الدين عبد الرّازق بن رزق الله
الرّسْعَني , رموز الكنوز في تفسير الكتاب
العزيز , دراسة وتحقيق : أ. د. عبدالملك بن عبدالله بن دهيش ,
مكتبة الأسدي ، مكة المكرمة , الطبعة : الأولى 1429هـ، 2008م , ج1 , ص 595
( 2 ) ابن الجزري ، النشر في القراءات العشر , تحقيق علي محمد
الضباع , دار الكتب العلمية , بيروت - لبنان ج 2 , ص 290
( 3) نفس المرجع , ج 2 , ص 292
( 4 ) الزمخشري , أبو القاسم محمود بن عمر , الكشاف , دار
إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان , ج 2 , ص 160
مِنْ قُرْبِ الْمَسَافَةِ جَرَى عَلَى الشَّائِعِ فِي
اسْتِعْمَالِهِ فِي الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، وَهَذَا مِنْ لَطِيفِ الْفُرُوقِ
الْعَرَبِيَّةِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ إِزَالَةً لِلْإِبْهَامِ بِقدر
الْإِمْكَان. ( 1 )
كلمة( الضَّلَالَةُ):
قال تعالى : ] قال تعالى : ]فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ [
(الأعراف 30)
قال تعالى : ] فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ
الضَّلالَةُ[ ( النحل 36)
الضلالة مؤنث مجازي التأنيث يجوز فيه
الوجهان .
كلمة (مئة) :
قال تعالى : ]فَإِن
يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْن [ ( الأنفال 65 )
قال الزمخشري : وقرىء الفعل المسند إلى المائة
بالتاء والياء في الموضعين .( 2 )
كلمة (بنو) :
قال تعالى : ]قَالَ
آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ
وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ [ ( يونس90 )
( بنو ) مذكر .
كلمة( نسوة) :
قال تعالى : ] وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ [ ( يوسف 30)
قال الزمخشري : والنسوة اسم مفرد لجمع
المرأة وتأنيثه غير حقيقي كتأنيث اللمة ، ولذلك لم تلحق فعله تاء التأنيث . ( 3 )
قال فخر الدين الرازي : لم يقل وَقَالَتِ نِسْوَة ٌ قلنا لوجهين الأول
أن النسوة اسم مفرد لجمع المرأة وتأنيثه غير ؛ فلذلك لم يلحق فعله تاء التأنيث
الثاني قال الواحدي تقديم الفعل يدعو إلى إسقاط علامة التأنيث على قياس إسقاط
علامة التثنية والجمع ( 4 )
ـــــــــــــــــــ
( 1 ) محمد الطاهر بن محمد بن محمد
الطاهر بن عاشور التونسي, التحرير والتنوير, الدار التونسية للنشر ـ تونس , 1984 م
, ج 8 – ب , ص 178
( 2 ) الزمخشري , أبو القاسم محمود بن
عمر , الكشاف , دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان , ج 2 , ص 223
( 3 ) نفس المرجع , ج 2 , ص 436
( 4 ) الرازي , فخر الدين محمد بن عمر
التميمي , مفاتيح الغيب , دار الكتب العلمية - بيروت – لبنان 1421هـ - 2000 م , ج 18 , ص 101
كلمة ( الأنعام)
:
قال تعالى : ] وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي
بُطُونِهِ [
( النحل 66)
قال تعالى : ] وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي
بُطُونِهَا [ (المؤمنون 21)
قال فخر الدين الرازي : الضمير عائد إلى الأنعام فكان الواجب
أن يقال مما في بطونها وذكر النحويون فيه وجوهاً :
الأول
أن لفظ الأنعام مفرد وضع لإفادة جمع كالرهط والقوم والبقر والنعم فهو بحسب اللفظ
لفظ مفرد فيكون ضميره ضمير الواحد وهو التذكير , وبحسب المعنى جمع فيكون ضميره
ضمير الجمع وهو التأنيث ؛ فلهذا السبب قال ههنا الضمير عائد إلى الأنعام فكان
الواجب أن يقال مما في بطونها , وذكر النحويون فيه وجوهاً : الأول أن لفظ الأنعام
مفرد وضع لإفادة جمع كالرهط والقوم والبقر والنعم فهو بحسب اللفظ لفظ مفرد فيكون
ضميره ضمير الواحد وهو التذكير وبحسب المعنى جمع فيكون ضميره ضمير الجمع وهو
التأنيث فلهذا السبب قال ههنا فِى بُطُونِهِ وقال في سورة المؤمنين ]فِى بُطُونِهَا[ ( المؤمنون 21 ).
الثاني قوله ]
فِى بُطُونِهِ أي في بطون ما ذكرنا وهذا جواب الكسائي قال
المبرد هذا شائع في القرآن قال تعالى فَلَماَّ رَأَى الشَّمْسَ كَوْكَباً قَالَ هَذَا
رَبّى[ ( الأنعام 78 ) وقال تعالى :]كَلاَّ
إِنَّهَا تَذْكِرَة ٌ فَمَن شَاء ذَكَرَهُ [ ( المدثر 54 , 55 ) أي ذكر هذا الشيء .
واعلم
أن هذا إنما يجوز فيما يكون تأنيثه غير حقيقي أما الذي يكون تأنيثه حقيقياً فلا
يجوز فإنه لا يجوز في مستقيم الكلام أن يقال جاريتك ذهب ولا غلامك ذهب على تقدير
أن نحمله على النسمة .
الثالث
أن فيه إضماراً والتقدير نسقيكم مما في بطونه اللبن إذ ليس كلها ذات لبن. ( 1 )
كلمة ( السموات) :
قال تعالى : ] تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ [
( الإسراء44)
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ يُسَبِّحُ- بِيَاءِ
الْغَائِب- وقرأه أَبُو عَمْرٌو، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَحَفْصٌ عَنْ
عَاصِمٍ، وَيَعْقُوبُ، وَخَلَفٌ- بتاء جمَاعَة الْمُؤَنَّث- وَالْوَجْهَانِ
جَائِزَانِ فِي جُمُوعِ غَيْرِ الْعَاقِلِ وَغَيْرِ حَقِيقِيِّ التَّأْنِيثِ. ( 2 )
ــــــــــــــــ
( 1 ) الرازي , فخر الدين محمد بن عمر التميمي
, مفاتيح الغيب , دار الكتب العلمية - بيروت – لبنان 1421هـ - 2000 م , ج 18 , ص 101
( 2 ) محمد الطاهر بن محمد بن محمد
الطاهر بن عاشور التونسي , التحرير والتنوير , الدار التونسية للنشر ـ تونس, 1984
م , ج 15 , 115
كلمة ( فئة) :
قال تعالى : ] وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا [ ( الكهف 43 )
قال تعالى : ] وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنتَصِرًا [ ( الكهف 43 )
كلمة فئة مؤنث
مجازي , يجوز فيها الوجهان .
كلمة ( الفردوس) :
قال تعالى : ] الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [ ( المؤمنون 11)
أتى لفظ فيها للفردوس مع كونها مؤنث ؛ ذلك
أن اللفظة مؤنث مجازي, جاز فيها الوجهان.
كلمة ( ثمرات) :
قال تعالى : ] يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ [ (القصص 57 )، ثمرات مؤنث مجازي , جاز فيها الوجهان , وقد قرئ الفعل بالياء والتاء، والياء قراءة حفص .
كلمة ( الروم) :
قال تعالى : ]
غُلِبَتِ الرُّومُ [ ( الروم 2)كلمة الروم مذكر ليس له مؤنث من جنسه , لذا يجوز فيها
الوجهان .
كلمة ( معذرة ) :
قال تعالى : ] لاَّ يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ [
( الروم 57 )معذرة مؤنث مجازي , جاز فيها الوجهان ، و قرئ الفعل بالياء وبالتاء، والياء قراءة حفص
.
كلمة ( نساء) :
قال تعالى :] يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى
اللَّهِ يَسِيرًا ( 30 ) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ
صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا
رِزْقًا كَرِيمًا [
(الأحزاب ,30 ,31 ) الحديث موجه لنساء النبي صلى الله علية و سلم
, و هي كلمة تدل على جمع مؤنث سالم لذا أتت على هذه الصورة , إذ يجوز فيها الوجهان
.
و مثل ذلك قوله تعالى : ] لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء [ ( الأحزاب 52 )،إذ
قرئ الفعل بالياء وبالتاء، والأولى قراءة حفص .
كلمة ( أسوة) :
قال تعالى :]
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [
( الأحزاب 21 )هنا فصل بين الفعل و الاسم بفاصل ,و إذا فصل بين
الفعل و الاسم فاصل , فالتذكير أفضل , وهناك أمر آخر وهو أن التذكير في العبادات
أفضل وأهمّ من التأنيث .
كلمة ( الساعة) :
قال تعالى : ]وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ [ (الشورى17)
وَالْإِخْبَارُ عَنِ السَّاعَةَ بِ قَرِيبٌ وَهُوَ غَيْرُ
مُؤَنَّثٍ لِأَنَّهُ غَلَبَ لُزُومُ كَلِمَةِ قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ لِلتَّذْكِيرِ
بِاعْتِبَارِ شَيْءٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ] وَما يُدْرِيكَ
لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً[ [الْأَحْزَاب: 63](1)
و لفظ "فعيل" – كما مر بنا - مما يستوي فيه المذكر والمؤنث ، كـ : "قتيل" ، فتقول : رجل قتيل وامرأة قتيل ، فلا يؤنث الوصف إلا إن خلا السياق من قرينة توضح نوع الموصوف أذكر هو أم أنثى ، كقولك : مررت بقتيل ، فإن المخاطب لا يدري جنس المقتول أذكر هو أم أنثى ، ولذلك يجب التأنيث إن كان المقتول أنثى فتقول : مررت بقتيلة ، بخلاف ما لو قيل : مررت بامرأة قتيل.
و( الرحمة ) قد اكتسبت التذكير في اللفظ من الإضافة إلى لفظ الجلالة : "الله" ، فهو من جهة اللفظ : مذكر ، والمضاف يكتسب أمورا من المضاف إليه نص عليها النحاة ، كابن هشام ، رحمه الله ، في "مغني اللبيب" في باب : "الأمور التي يكتسبها الاسم بالإضافة" .
و لفظ "فعيل" – كما مر بنا - مما يستوي فيه المذكر والمؤنث ، كـ : "قتيل" ، فتقول : رجل قتيل وامرأة قتيل ، فلا يؤنث الوصف إلا إن خلا السياق من قرينة توضح نوع الموصوف أذكر هو أم أنثى ، كقولك : مررت بقتيل ، فإن المخاطب لا يدري جنس المقتول أذكر هو أم أنثى ، ولذلك يجب التأنيث إن كان المقتول أنثى فتقول : مررت بقتيلة ، بخلاف ما لو قيل : مررت بامرأة قتيل.
و( الرحمة ) قد اكتسبت التذكير في اللفظ من الإضافة إلى لفظ الجلالة : "الله" ، فهو من جهة اللفظ : مذكر ، والمضاف يكتسب أمورا من المضاف إليه نص عليها النحاة ، كابن هشام ، رحمه الله ، في "مغني اللبيب" في باب : "الأمور التي يكتسبها الاسم بالإضافة" .
كلمة ( الأعراب) :
قال تعالى : ] قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا [ (الحجرات 14) الأعراب جمع تكسير , و الفعل يمكن أن يؤنّث أو يُذكّر إذا أسند إلى جمع تكسير , فيجوز التذكير والتأنيث من حيث الحكم النحوي .
قال تعالى : ] قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا [ (الحجرات 14) الأعراب جمع تكسير , و الفعل يمكن أن يؤنّث أو يُذكّر إذا أسند إلى جمع تكسير , فيجوز التذكير والتأنيث من حيث الحكم النحوي .
كلمة (
المؤمنات ) :
قال تعالى : ]
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ
يُبَايِعْنَكَ [
(الممتحنة 12) ،المؤمنات جمع مؤنث سالم , و سبق بـ (جاء ) ,وهي
للمذكر , و جمع المؤنث يجوز فيه الوجهان كما و أن أشرنا .
ـــــــــــــــــــ
( 1 ) محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي ,
التحرير والتنوير, الدار التونسية للنشر ـ تونس , 1984 م , ج 25 , 67
كلمة ( السماء ) :
قال تعالى : ]
السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ
كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً[
[ المزّمِّل : 18]
ووصف السماء بمنفطر بصيغة التذكير مع أن
السماء في اللغة من الأسماء المعتبرة مؤنثة في الشائع . قال
الفراء : السماء تذكَّر على التأويل بالسقف لأن
أصل تسميتها سماءً على التشبيه بالسقف ، أي والسقف مُذكر والسماء مؤنث . وتبعه الجوهري وابن برّي . وأنشد الجوهري على ذلك قول الشاعر :
فلو رَفع السماءُ إليه قوماً
لحقنا بالسماء مع السحاب
وأنشد ابن برّي أيضاً في تذكير السماء بمعنى السقف قول الآخر :
وقالت سماءُ البيت فوقَك مُخْلَقٌ
ولمَّا تَيَسَّر اجْتِلاَءُ الركَائب
ولا ندري مقدار صحة هاذين الشاهدين من العربية على أنه قد يكونان من ضرورة الشعر . وقيل : إذا كان الاسم غير حقيقي التأنيث جاز إجراء وصفه على التذكير فلا تلحقه هاء التأنيث قياساً على الفعل المسند للمؤنث غير حقيقي التأنيث في جواز اقترانه بتاء التأنيث وتجريده منها ، إجراء للوصف مجرى الفعل وهو وجيه .
ولعل العدول في الآية عن الاستعمال الشائع في الكلام الفصيح في إجراء السماء على التأنيث ، إلى التذكير إيثاراً لتخفيف الوصف لأنه لما جيء به بصيغة منفعل بحرفي زيادة وهما الميم والنون كانت الكلمة معرضة للثقل إذا ألحق بها حرف زائد آخر ثالث ، وهو هاء التأنيث فيحصل فيها ثقل يجنَّبه الكلام البالغ غاية الفصاحة ألا ترى أنها لم تجر على التذكير في قوله : ( إذا السماء انفطرت ) ( الانفطار : 1 ) إذ ليس في الفعل إلاّ حرف مزيد واحد وهو النون إذ لا اعتداد بهمزة الوصل لأنها ساقطة في حالة الوصل ، فجاءت بعدها تاء التأنيث . ( 1 )
فلو رَفع السماءُ إليه قوماً
لحقنا بالسماء مع السحاب
وأنشد ابن برّي أيضاً في تذكير السماء بمعنى السقف قول الآخر :
وقالت سماءُ البيت فوقَك مُخْلَقٌ
ولمَّا تَيَسَّر اجْتِلاَءُ الركَائب
ولا ندري مقدار صحة هاذين الشاهدين من العربية على أنه قد يكونان من ضرورة الشعر . وقيل : إذا كان الاسم غير حقيقي التأنيث جاز إجراء وصفه على التذكير فلا تلحقه هاء التأنيث قياساً على الفعل المسند للمؤنث غير حقيقي التأنيث في جواز اقترانه بتاء التأنيث وتجريده منها ، إجراء للوصف مجرى الفعل وهو وجيه .
ولعل العدول في الآية عن الاستعمال الشائع في الكلام الفصيح في إجراء السماء على التأنيث ، إلى التذكير إيثاراً لتخفيف الوصف لأنه لما جيء به بصيغة منفعل بحرفي زيادة وهما الميم والنون كانت الكلمة معرضة للثقل إذا ألحق بها حرف زائد آخر ثالث ، وهو هاء التأنيث فيحصل فيها ثقل يجنَّبه الكلام البالغ غاية الفصاحة ألا ترى أنها لم تجر على التذكير في قوله : ( إذا السماء انفطرت ) ( الانفطار : 1 ) إذ ليس في الفعل إلاّ حرف مزيد واحد وهو النون إذ لا اعتداد بهمزة الوصل لأنها ساقطة في حالة الوصل ، فجاءت بعدها تاء التأنيث . ( 1 )
ــــــــــــــــ
( 1 ) محمد الطاهر بن محمد بن محمد
الطاهر بن عاشور التونسي, التحرير والتنوير, الدار التونسية للنشر ـ تونس , 1984 م
, ج 29 , 277
الخــاتمة
وبعد هذا العرض لظاهرتي التذكير والتأنيث تبين لنا أن الاسم
المؤنث قد يذكر, و العكس , غير أننا و جدنا أن الكلمات المؤنثة التي استعملت في
سياق المذكر أكثر من الكلمات المذكرة التي
استعملت في سياق المؤنث .
كما أن الكلمات المؤنثة التي جاءت في سياق المذكر , إما أنها قد فُصل بينها وبين أفعالها
بفاصل ، كما أن تأنيثها تأنيث لفظي
مجازي ، وإذا اجتمع هذان الأمران في تركيبٍ ما يجوز في الاسم التذكير والتأنيث
.
كما أن الجموع
كلها مؤنثة إلا جمع المذكر، غير أن بعضها واجب التأنيث، وبعضها جائز التأنيث، فمن واجب التأنيث الجمع المختوم بالألف والتاء، بصرف
النظر عن مفرده حقيقي أو غير حقيقي , و لم يفصل بينه
و بين فعله فاصل .
كما أننا نجد أن
القرآن الكريم , وهو قد نزل بلغة العرب قد جمع بين المذكر و المؤنث , حيث كانت
قبائل العرب إحداها تؤنث , و الأخرى تذكر في الكلمة الواحدة , فعلى سبيل المثال قوله: (وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا ) أتت كلمة سبيل مذكراً , بينما بجدها أتت مؤنثة في
قوله تعالى: ( قل هذه سبيلي ).
و صلى الله على سيدنا محمد , و على آله و صحبه و سلم .
المصادر و المراجع
( 1 ) ابن الجزري ،
النشر في القراءات العشر , تحقيق علي محمد الضباع , دار الكتب العلمية , بيروت
- لبنان .
(
2 ) ابن عقيل ، عبد الله بن عبد الرحمن العقيلي , شرح ابن عقيل , تحقيق : محمد
محيي الدين عبد الحميد , دار التراث - القاهرة، دار مصر للطباعة ، سعيد جودة
السحار وشركاه الطبعة : العشرون
( 3 ) الأفغاني , سعيد , الموجز في قواعد اللغة العربية , دار
الفكر,بيروت لبنان
(
4 ) الرازي , فخر الدين محمد بن عمر التميمي , مفاتيح الغيب , دار الكتب العلمية -
بيروت – لبنان 1421هـ
( 5 ) الزمخشري , أبو القاسم محمود بن عمر , الكشاف , دار
إحياء التراث العربي– بيروت– لبنان .
( 6 ) القرطبي , أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر ,
الجامع لأحكام القرآن , تحقيق أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش , دار الكتب المصرية –
القاهرة , مصر , الطبعة : الثانية ، 1384هـ - 1964 م .
( 7 ) عز الدين عبد الرّازق بن رزق الله الرّسْعَني , رموز الكنوز في تفسير
الكتاب العزيز
, دراسة وتحقيق : أ.
د. عبدالملك بن عبدالله بن دهيش , مكتبة الأسدي ، مكة المكرمة , الطبعة : الأولى 1429هـ، 2008م
.
( 8 ) محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي , التحرير
والتنوير , الدار التونسية للنشرـ تونس , 1984
(
9 ) يوسف الحمادي و آخرون , القواعد الأساسية في النحو و الصرف, الهيئة العامة لشؤون
المطابع الأميرية - مصر .
No comments:
Post a Comment